احذروا القراصنة الأشرار

ما الذي ينبغي فعله لمنع جماعات قراصنة الإنترنت من ارتكاب أعمال قد تؤدي إلى شر لا يمكن السيطرة عليه، أنهم يملكون القدرة على إزالة البنية التحتية لكل المواقع الحكومية .

إن ديفيد، البالغ أواخر سني مراهقته، يعيش وحيدا، ويتدبر أمور معاشه من عمل بوقت جزئي، وهو قادر على تأمين عمل أفضل في مصرف أو شركة برمجيات، فهو مبرمج علم نفسه بنفسه حتى صار يتمتع بمهارات خطيرة.

لكن ديفيد، (ليس هذا اسمه الحقيقي)، ينفــق 60 سـاعة كـل أسبوع في المســاعـدة على إدارة (أنونيـــماس أوبيـــريـــشـــنزـ Anonymous Operations)، وهي ما تعتبر ذراع النخبة لمجموعة صانعة للمشكلات من قراصنة الإنترنت تدعى (أنونيماس – Anonymous). لقد دبرت هذه المجموعة هجوما شبكيا حاسوبيا ضخما على (ماستر كارد – MasterCard)، و(فيزا- Visa)، و(بيه بال- PayPal ) في نوفمبر/ تشرين الثاني عقابا لها على قيامها بتجميد التبرعات المقدمة إلى (ويكيليكس – Wikileaks). وقد أخفق الهجوم الهادف إلى تعطيل الدفع في إرباك شبكات الدفع تلك، لكن ديفيد يقول: “إن (أنونيماس) نجحت في اختراق أنظمة الدعم الحاسوبية فيها”.

 

ولا يمانع ديفيد في شرح ما تزمع أنونيماس القيام به، ولكنه أبدى خجلا يستطيع المرء فهمه. وعندما أجاب أخيرا عن مكالماتنا، التي أجريناها عبر (سكايب – Skype)، كان صوته الجهوري يتميز بنبرات قصيرة سريعة للكنة أجنبية متكلفة، ولكنها تحولت في نهاية المطاف إلى ما يشبه نشيدا اسكتلنديا. لقد انتهك ديفيد قوانين عدة في الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، إن كان صحيحا أنه شارك في هجمات نوفمبر/ تشرين الثاني على الشبكات المذكورة آنفا.

 

برزت (أنونيماس) إلى الواجهة قبل عامين عندما ظهر اتحاد ضعيف الترابط من المبرمجين، الذين يروجون لمشاغباتهم على مواقع الدردشة الإلكترونية مثل (فورشان- 4chan)، حيث كان اسم المستخدم الذي فضله ملايين المستخدمين هو (Anonymous)، وقد ارتفع عدد مناصري المجموعة إلى 5.000 في المنتديات الإلكترونية بعد تسريب البرقيات الدبلوماسية السرية من جانب (ويكيليكس)؛ ولكنه ما لبث أن استقر على 1.000 في الأسابيع التي تلت ذلك. وكان من ضحاياهم كنيسة (العلمولوجيا- Scientology)، وكذلك الحكومة التونسية في الآونة الأخيرة.

 

ويقول ديفيد إن المجموعة تضع نصب أعينها حاليا الهجوم على هنغاريا وإسرائيل وإسبانيا؛ ومن جديد، شرع المتطوعون من قراصنة الإنترنت بالتجمع في مواقع الدردشة على الإنترنت. يقول ديفيد بأسلوب منمق: “إن لدى (أنونيماس أوبيريشنز) القدرة على إزالة البنية التحتية لكل المواقع الحكومية الموضوعة على لائحتها”.

 

لقد تجمع قراصنة الإنترنت من قبل، ولكنهم لم يتجمعوا بهذه الأعداد الضخمة، أو على هذا النحو من الحمية السياسية، كما نرى في حالة (أنونيماس). بل إن هذه المجموعة تحمل فلسفة أيضا فهي تلاحق كل من يحجب المعلومات، وتعاقب من تعتبرهم من الفاسدين.

 

وهنا مكمن الخطر الأكبر، لأن (أنونيماس) لا تستطيع أن تتصرف دائما كمجموعة موحدة منضبطة. وفي الآونة الأخيرة قام عنصر شرير من المجموعة، اسمه (pwnsauce)، بمهاجمة الموقع الإلكتروني للحزب المعارض الرئيسي في إيرلندا، وهو حزب (فاين غايل- Fine Gael)، فقام بطمس معالم الموقع كلها بشعار (أنونيماس) مرفقا برسالة غاضبة، وكاشفا عن تفاصيل الاتصال الخاصة بنحو 2.000 من زوار الموقع.

 

ويقول ديفيد إن العنصر المتمرد كان “يشعر بالضجر”، ولكن عواقب أفعال (pwnsauce) كانت شديدة الشر. وتتوقع محللة الأمن في (غارتنر-Gartner) أفيفا ليتان أن تتطور هذه الهجمات من هجمات ذات دوافع سياسية إلى هجمات ذات دوافع مالية تشنها مجموعات فرعية من (أنونيماس)، وهو أمر مألوف في مجموعات من هذه الشاكلة.

 

تقول ليتان إن قراصنة أشرارا من (أنونيماس) يستطيعون “تحريك مبالغ مالية هائلة على نحو فائق السرعة لتصل إلى أيد إجرامية قبل أن تتمكن السلطات، أو المصارف من إيقافهم”، مشيرة إلى “هجمات خاطفة” على درجة عالية من التنسيق يمكن أن تكون السبيل المحتمل للحصول على الأموال. يحدث هذا عندما يقوم القراصنة بإعداد مئات من الحسابات التجارية الوهمية لسحب مبالغ صغيرة من المال من حساب واحد على نحو متزامن. ولن يفطن أحد إلى حدوث ذلك، إلا بعد فوات الأوان.

 

يقول ديفيد: “إن (أنونيماس) لن تقوم بهذا أبدا. فهي تسعى إلى إيقاف الفساد لا إلى ممارسته”. عليك أن تقول هذا للشرطة التي يعلم ديفيد أنها تقتفي أثر (أنونيماس أوبيرشينز). فالحرية التي تمارس مع إغفال هوية ممارسيها يمكن أن تكون أكبر نقاط ضعف هذه المجموعة.

 

شارك هذه المعلومات مع غيرك...Share on Facebook0Share on Google+0Tweet about this on TwitterShare on LinkedIn0
 

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*



*